ما فائدة العلم...؟
" ربي زدني علما"[1], بكل ما تحمله هذه الكلمة الربانية من معنى, فا يا ربي زدنا علما بذاتك, و بدينك, و بكونك, و بأنفسنا, و زدنا علما بأحسن الأخلاق و أتم الصفات, و زدنا حكمتا و تواضعا.
التواضع ! قد ولى و اندثر عند البعض تحت أضواء النجومية! و الأقبح اندثاره عند أهل العلم, عذرا, فهم لا يستحقون هذا اللقب الملائكي.
العلم الحقيقي, هو ما نجده عند عظماء قد شهد التاريخ بتواضعهم, إلى جانب علمهم الجم. لم يأبهوا لمكانة اجتماعية, و لم يكترثوا للدينار ولا للدرهم . نرى تواضعهم في تبسمهم, و جلستهم, و حديثهم, و تنازلهم عن أرائهم بكل بساطة. وتتوج القائمة التاريخية لأهل العلم الحقيقي بالرسل والأنبياء- عليهم السلام-, و محمد بن عبد الله خير مثال يحتذى بتواضعه.
فهاهو يخدم في بيته, و يستمع لأراء الصحابة-رضوان الله عليهم- ويشاور صغيرهم وكبيرهم, ورجالهم ونسائهم, و حرهم وعبدهم, و عزيز القوم و ذليلهم, والحكمة ملئ قلبه, و الوحي يتنزل عليه من ربه, وهو الذي يقول عندما يسمع من يمجده من البشر:
" أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " [2]
و أبى بكر و عمر و جملة من الصحابة قد سطروا أجمل القصص و الحكايا في التواضع, وهم الذين قد أوتوا من العلم الكثير, و خيرة من أتى بعد رسول الله-عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم-. ويضرب لنا أبى بكر مثال آخر لتواضع عالم و أمير بين قومه, فيخرج - رضوان الله عليه- من المسجد, بعد أن أدى صلاة الفجر, متجها إلى خيمة عجوز عمياء, فيكنس لها خيمتها, و يحضر لها الطعام, و يحلب لها الشاة. وعندما سأل عمر العجوز عن هذا الرجل؛ أجابته أنه مجرد شيخ لا تعلم من هو! و ها هو بن الخطاب يقبل نصح غيره, بل و يردد قائلا: " رحم الله من أهدى إلي عيوبي"! [3]
و يجمع الإمام أحمد ابن حنبل الحطب لأبنائه ليقيهم من شدة البرد, و يتواثب القوم عليه سألينه كيف يحملها وهو الإمام ابن حنبل, العالم , والمحدث, والفقيه, والعابد, و يجيب – رحمه الله- " لا يحملها إلا أحمد و نحن قوم مساكين...". و يردد الشافعي – رحمه الله- " ارفع الناس قدرا من لا يرى قدره , واكبر الناس فضلا من لا يرى فضله" .
و حكايات وحكايات كثيرة قد شرف التاريخ بها, و شرفنا نحن بقراءتها, و بالعيش فيها.
و نرى في زماننا هذا كثيرا من أهل العلم (الحقيقيون) الذين سلكوا نهج من قبلهم, فعلمهم ليس علما مادي بحت, بل علم قد ارتقى ليلامس الفكر, و يورث مكارم الأخلاق و التواضع. و أجمل مثال لذلك, ما باحت به أنفس العلماء, و المشايخ, و الشعراء, و العامة عن ابن جبرين -رحمه الله-, ذلك الكوكبة الذي يشع علمه في كل مكان , إجلالا لمكانته و علمه, و احتراما لتواضعه, فيقول الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة عنه محدثا: " رأيت الإمام يلقننا نكران الذات ، وتمام التجرّد ، ونسيان النسيان"! [4] و يحكي الأستاذ الدكتور طارق الحبيب موقفا بطوليا في التواضع قدمه الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-, فيرد ابن جبرين بكل جود عندما أبدى الأستاذ الدكتور طارق رأيا مخالفا لرأي الشيخ قائلا :"خذوا كلام هذا الطبيب, وارمو كلامي في البحر"!
و نرى من الأساتذة الجامعيين أمثلة أخرى للعلم المورث للتواضع, فيرد أستاذا بكل بساطة لتسأئل طالب ما: " أنا لا أعرف كل شيء"! و يعتذر آخر: " عفوا, أنت محق, فلم أفهم تساؤلك", و تشجع أستاذتا طالبتها البسيطات, و تنصت لنقاشهن الرديء, و تتيح أخرى لإحدى طالباتها بأن تتشارك معها في تنسيق مقرر ما, أو بشرح جزء من جزئياته, و أمثلة عدة لأساتذة قد نالوا من العلم الكثير, و لم تنسهم مكانتهم المرموقة التواضع, بل زادهم تواضعهم مكانة فوق مكانتهم في قلوب طلابهم, و في قلوب من حولهم.
بالطبع, التواضع ليس حكرا على علماء المسلمين, بل نجد في الغرب ما يفوق ما نراه هنا أحيانا.
فيكفينا أن نرى تواضع العالم العبقري الفذ نوم شومسكي, الذي يتجلى في نقاشاته مع طلابه, و حتى مع جهلة الجهلة في الوليات المتحدة الأمريكية, و يتجلى تواضعه أيضا في هوانه في جلسته, وهو من ضمن القائمة التي تضم عشرة أشخاص لأكثر الكتاب اقتباسا في العالم, و مؤسس لعلم اللغويات الحديث, والمنظر لعلوم برمجة الحاسوب, والذي طالت أطروحته علم النفس أيضا. ونرى كيف يحف طلاب إدوارد سعيد أستاذهم , الذي وصل صوته لأغلب بقاع الأرض, و يصفقون لحديثة إعجابا بعلمه, و أضيف, إعجابا بتواضعه.
لست هنا أسطر جميع مواقف التواضع الجليلة لدى الأنبياء- عليهم السلام- و الصحابة و العلماء من بعدهم, بل هي مقتطفات نضعها لنراجع أنفسنا, و لنعي ما هو العلم الحقيقي.
العلم الحقيقي هو ذاك المورث للتواضع, فيدعو للاستماع للغير, وفهم مقصدهم, و الاعتقاد بأهميتهم, و تحفيزهم, فلا يدري المرء من أين يأتي الخير, و من كان يدري أن ذاك الفاشل في المدرسة, الذي قد أنهك أستاذته في فصله, قد يصبح يوما ما أينشتاين!!
يعجب المرء عند رؤية أستاذ في جامعة, أو متخصص في إحدى التخصصات, قد نال من العلم الكثير, وقرأ من كتب شتى, و قدم من الأطروحات أجملها, و يمشي مختالا في مشلحه, و للكبرياء قد ضرب مثلا, و لسوء الأخلاق عنوانا, فهو عنجهي بين طلابه, فلا يشارك نقاشا في قاعته, و لا يحفز متميزا من حوله, و رأيه لا يقبل النقاش, و قراره لا مجال لتغيره, بغض النظر عن جودة أرائه و قراراته!! و الأعجب من ذلك حين يكون المنافس في النقاش امرأة, فلا يزال يحمل تلك النظرة الدونية لها في قلبه, وإن كان نال شهاداته من أرقى الجامعات!!
فما فائدة العلم إذاً إن لم يكن علمه مورثا للتواضع, و مدعتا لمكارم الأخلاق, و محفزا للاقتداء بأهل العلم النبلاء من قبله, و لأخلاقهم, و لتواضعهم؟ فهو مخالف لخطاب ربه لقصة لقمان القائل: " ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا"[5], و لأمر نبيه حين قال:" ثلاث مهلكات...إعجاب المرء بنفسه ", وهو جاهل بتقدير العقلاء, حيث أنه لم يعي أن العلم هو علم فكري و ليس مجرد علم مادي, ترفع به مكانة و تحط بنقصه أخرى!
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر********على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه******** إلى طبقات الجو وهو وضيع
التواضع من العلم, وهذا تمام العلم, فما فائدة العلم حين إذن؟
" ربي زدني علما"[1], بكل ما تحمله هذه الكلمة الربانية من معنى, فا يا ربي زدنا علما بذاتك, و بدينك, و بكونك, و بأنفسنا, و زدنا علما بأحسن الأخلاق و أتم الصفات, و زدنا حكمتا و تواضعا.
التواضع ! قد ولى و اندثر عند البعض تحت أضواء النجومية! و الأقبح اندثاره عند أهل العلم, عذرا, فهم لا يستحقون هذا اللقب الملائكي.
العلم الحقيقي, هو ما نجده عند عظماء قد شهد التاريخ بتواضعهم, إلى جانب علمهم الجم. لم يأبهوا لمكانة اجتماعية, و لم يكترثوا للدينار ولا للدرهم . نرى تواضعهم في تبسمهم, و جلستهم, و حديثهم, و تنازلهم عن أرائهم بكل بساطة. وتتوج القائمة التاريخية لأهل العلم الحقيقي بالرسل والأنبياء- عليهم السلام-, و محمد بن عبد الله خير مثال يحتذى بتواضعه.
فهاهو يخدم في بيته, و يستمع لأراء الصحابة-رضوان الله عليهم- ويشاور صغيرهم وكبيرهم, ورجالهم ونسائهم, و حرهم وعبدهم, و عزيز القوم و ذليلهم, والحكمة ملئ قلبه, و الوحي يتنزل عليه من ربه, وهو الذي يقول عندما يسمع من يمجده من البشر:
" أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " [2]
و أبى بكر و عمر و جملة من الصحابة قد سطروا أجمل القصص و الحكايا في التواضع, وهم الذين قد أوتوا من العلم الكثير, و خيرة من أتى بعد رسول الله-عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم-. ويضرب لنا أبى بكر مثال آخر لتواضع عالم و أمير بين قومه, فيخرج - رضوان الله عليه- من المسجد, بعد أن أدى صلاة الفجر, متجها إلى خيمة عجوز عمياء, فيكنس لها خيمتها, و يحضر لها الطعام, و يحلب لها الشاة. وعندما سأل عمر العجوز عن هذا الرجل؛ أجابته أنه مجرد شيخ لا تعلم من هو! و ها هو بن الخطاب يقبل نصح غيره, بل و يردد قائلا: " رحم الله من أهدى إلي عيوبي"! [3]
و يجمع الإمام أحمد ابن حنبل الحطب لأبنائه ليقيهم من شدة البرد, و يتواثب القوم عليه سألينه كيف يحملها وهو الإمام ابن حنبل, العالم , والمحدث, والفقيه, والعابد, و يجيب – رحمه الله- " لا يحملها إلا أحمد و نحن قوم مساكين...". و يردد الشافعي – رحمه الله- " ارفع الناس قدرا من لا يرى قدره , واكبر الناس فضلا من لا يرى فضله" .
و حكايات وحكايات كثيرة قد شرف التاريخ بها, و شرفنا نحن بقراءتها, و بالعيش فيها.
و نرى في زماننا هذا كثيرا من أهل العلم (الحقيقيون) الذين سلكوا نهج من قبلهم, فعلمهم ليس علما مادي بحت, بل علم قد ارتقى ليلامس الفكر, و يورث مكارم الأخلاق و التواضع. و أجمل مثال لذلك, ما باحت به أنفس العلماء, و المشايخ, و الشعراء, و العامة عن ابن جبرين -رحمه الله-, ذلك الكوكبة الذي يشع علمه في كل مكان , إجلالا لمكانته و علمه, و احتراما لتواضعه, فيقول الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة عنه محدثا: " رأيت الإمام يلقننا نكران الذات ، وتمام التجرّد ، ونسيان النسيان"! [4] و يحكي الأستاذ الدكتور طارق الحبيب موقفا بطوليا في التواضع قدمه الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-, فيرد ابن جبرين بكل جود عندما أبدى الأستاذ الدكتور طارق رأيا مخالفا لرأي الشيخ قائلا :"خذوا كلام هذا الطبيب, وارمو كلامي في البحر"!
و نرى من الأساتذة الجامعيين أمثلة أخرى للعلم المورث للتواضع, فيرد أستاذا بكل بساطة لتسأئل طالب ما: " أنا لا أعرف كل شيء"! و يعتذر آخر: " عفوا, أنت محق, فلم أفهم تساؤلك", و تشجع أستاذتا طالبتها البسيطات, و تنصت لنقاشهن الرديء, و تتيح أخرى لإحدى طالباتها بأن تتشارك معها في تنسيق مقرر ما, أو بشرح جزء من جزئياته, و أمثلة عدة لأساتذة قد نالوا من العلم الكثير, و لم تنسهم مكانتهم المرموقة التواضع, بل زادهم تواضعهم مكانة فوق مكانتهم في قلوب طلابهم, و في قلوب من حولهم.
بالطبع, التواضع ليس حكرا على علماء المسلمين, بل نجد في الغرب ما يفوق ما نراه هنا أحيانا.
فيكفينا أن نرى تواضع العالم العبقري الفذ نوم شومسكي, الذي يتجلى في نقاشاته مع طلابه, و حتى مع جهلة الجهلة في الوليات المتحدة الأمريكية, و يتجلى تواضعه أيضا في هوانه في جلسته, وهو من ضمن القائمة التي تضم عشرة أشخاص لأكثر الكتاب اقتباسا في العالم, و مؤسس لعلم اللغويات الحديث, والمنظر لعلوم برمجة الحاسوب, والذي طالت أطروحته علم النفس أيضا. ونرى كيف يحف طلاب إدوارد سعيد أستاذهم , الذي وصل صوته لأغلب بقاع الأرض, و يصفقون لحديثة إعجابا بعلمه, و أضيف, إعجابا بتواضعه.
لست هنا أسطر جميع مواقف التواضع الجليلة لدى الأنبياء- عليهم السلام- و الصحابة و العلماء من بعدهم, بل هي مقتطفات نضعها لنراجع أنفسنا, و لنعي ما هو العلم الحقيقي.
العلم الحقيقي هو ذاك المورث للتواضع, فيدعو للاستماع للغير, وفهم مقصدهم, و الاعتقاد بأهميتهم, و تحفيزهم, فلا يدري المرء من أين يأتي الخير, و من كان يدري أن ذاك الفاشل في المدرسة, الذي قد أنهك أستاذته في فصله, قد يصبح يوما ما أينشتاين!!
يعجب المرء عند رؤية أستاذ في جامعة, أو متخصص في إحدى التخصصات, قد نال من العلم الكثير, وقرأ من كتب شتى, و قدم من الأطروحات أجملها, و يمشي مختالا في مشلحه, و للكبرياء قد ضرب مثلا, و لسوء الأخلاق عنوانا, فهو عنجهي بين طلابه, فلا يشارك نقاشا في قاعته, و لا يحفز متميزا من حوله, و رأيه لا يقبل النقاش, و قراره لا مجال لتغيره, بغض النظر عن جودة أرائه و قراراته!! و الأعجب من ذلك حين يكون المنافس في النقاش امرأة, فلا يزال يحمل تلك النظرة الدونية لها في قلبه, وإن كان نال شهاداته من أرقى الجامعات!!
فما فائدة العلم إذاً إن لم يكن علمه مورثا للتواضع, و مدعتا لمكارم الأخلاق, و محفزا للاقتداء بأهل العلم النبلاء من قبله, و لأخلاقهم, و لتواضعهم؟ فهو مخالف لخطاب ربه لقصة لقمان القائل: " ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا"[5], و لأمر نبيه حين قال:" ثلاث مهلكات...إعجاب المرء بنفسه ", وهو جاهل بتقدير العقلاء, حيث أنه لم يعي أن العلم هو علم فكري و ليس مجرد علم مادي, ترفع به مكانة و تحط بنقصه أخرى!
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر********على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه******** إلى طبقات الجو وهو وضيع
التواضع من العلم, وهذا تمام العلم, فما فائدة العلم حين إذن؟
ارجو ابداء الراي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الأربعاء ديسمبر 26, 2012 7:06 am من طرف شام
» حين أشتاق إليك
الأحد نوفمبر 11, 2012 8:12 pm من طرف شام
» هل؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!
الثلاثاء مارس 20, 2012 10:32 pm من طرف عاشقة الورد
» تدري حالي دونك كيف؟؟
الجمعة فبراير 17, 2012 9:06 pm من طرف reemy
» يا زائر احلامي الدائم
الثلاثاء يناير 24, 2012 9:02 pm من طرف reemy
» عندما تبكي القلوب
الجمعة ديسمبر 09, 2011 2:21 am من طرف farah
» ربي اجعلني تلفزيوناً
الأحد نوفمبر 20, 2011 3:32 am من طرف neroo
» نورتي منتداكي
الجمعة نوفمبر 18, 2011 9:40 pm من طرف رقة الورد
» قصة وعظة
الجمعة نوفمبر 18, 2011 9:32 pm من طرف رقة الورد